أخبار مهمةسورية

العالم يترقب «مفاجأة كوريا»: كيم كفيلٌ بـجنون ترامب


صباح أيوب- جريدة الأخبار

استفزّ دونالد ترامب كيم جونغ أون، فعاش العالم ــ وما زال ــ لحظات خطرة تنذر بحرب جديدة بين قوتين غير متكافئتين عسكرياً، إحداهما تمتلك سلاحاً نووياً سبق أن استخدمته في إحدى أكثر المغامرات وحشية في التاريخ الحديث، والثانية تجهّز برنامجها النووي، ولا أحد يعلم بالضبط مستوى قدراتها في هذا المجال

 «العالم في خطر»، ومتى لم يكن كذلك؟ غداً هو «يوم الشمس» في روزنامة جمهورية كوريا الديموقراطية الشعبية، وهو أيضاً يوم وطني يحتفل فيه أهل البلد بعيد ميلاد مؤسس الجمهورية كيم إيل سونغ، فيزور آلاف الكوريين ضريح زعيمهم التاريخي ويؤدّون له التحية، حاملين له الزهور. غداً، ستُوَزَّع على الأطفال الكوريين سكاكر وحلويات، وستُقدّم فرق الرقص الوطنية لوحات فولكلورية، وسيشارك الرياضيون في استعراضات ضخمة وألعاب، وستشهد سماء العاصمة بيونغ يانغ مفرقعات نارية.

وكما في معظم المناسبات المماثلة في دول العالم، ستتضمن الاحتفالات استعراضاً عسكرياً تبرز فيه الدول قدراتها الحربية والدفاعية… هكذا، سيثبت الكوريون مجدداً للعالم أنهم ما زالوا هنا يحتفلون بمناسبات عزيزة على قلوبهم، رغم معاقبة العالم بأسره لهم.
يُحيي الكوريون «يوم الشمس» والذكرى الوطنية بالطريقة نفسها كل سنة، وتتجدد العقوبات على الشعب الكوري بأكمله كل سنة، لكن العالم بسياسييه وإعلامه لا يهتمّ إلا بأخبار مثيرة عن رئيس البلاد (تأتي أغلبها من وكالات غربية أو كورية جنوبية، أي مصادر معادية للبلد)، وأخبار عن برنامجه النووي الذي يتطور عاماً بعد عام. أن تمتلك أي دولة سلاحاً فتاكاً كالقنابل النووية، أمر مقلق ومخيف للشعوب كلّها، لأن التاريخ الحديث، وخصوصاً الأميركي (راجع الكادر)، برهن أن لا حدود لوحشية الأنظمة، ولا رادع لها في استخدام الأسلحة الأكثر فتكاً بالبشر.

واليوم، يعيش سكّان العالم مع ثماني دول تمتلك رؤوساً نووية، إضافة إلى إسرائيل التي تُبقي تفاصيل برنامجها سرية… رغم ذلك، تريدنا الولايات المتحدة النووية بدورها، أن نقلق فقط من النووي الكوري.
يحلو لواشنطن أن تصوّر نفسها، اليوم، أنها «الضحية المحتملة» لنظام كوريا الشمالية النووي «المجنون» وأنها تريد، مرة جديدة، الدفاع عن نفسها وعن الكوكب «بالتخلص من الأشرار» المحدقين بها. فبعدما دأب النظام الأميركي ووسائل دعايته، منذ نهاية الحرب الباردة، على تحويل كوريا الشمالية وشعبها إلى هدف للعقوبات الاقتصادية القاسية والاستفزازات العسكرية والحصار السياسي، ها هي تزيد اليوم من تهديداتها. لكن تهديدات هذه المرّة خطيرة، والخطر لا يعود لكون رئيس كوريا الشمالية «مجنوناً» كما تسوّق واشنطن، بل لكونه طوّر برنامجه النووي أكثر من قبل. الخطر لا ينبع من أن دونالد ترامب تحديداً وحصرياً من بين الرؤساء الأميركيين، «لا يمكن توقّع تصرفاته» (ماذا عن تصعيدات جون كينيدي ومجازر بيل كلينتون وحروب بوش الابن…) بل لكون الولايات المتحدة هي مَن نفّذ أول هجوم نووي في التاريخ ولا شيء يمكن ردعها من تكرار ذلك الآن. الإنسانية بخطر اليوم، لأن العالم أمام مجرم نووي صاحب سوابق ومدجج بترسانة عسكرية مهولة يهدّد بلداً في طور إعداد برنامج نووي أيضاً. يُضاف إلى كل ذلك وجود رئيس استعراضي كترامب الذي وضع «كوريا الشمالية الشيوعية» هدفاً في حملاته الانتخابية، حرّك من خلاله الرُّهاب الأميركي من الشيوعية، وجيّش غرائز المتعطشين لحروب جديدة ضد عدو تاريخي لدود. لكن، هل يشهد العالم حرباً نووية غداً أو في المستقبل القريب؟
بنظرة سريعة على بعض المعطيات الجيوسياسية والخرائط، يمكن فهم حجم الاستفزازات وخطورة التصعيد وتخيّل بعض السيناريوهات، طبعاً، من دون القدرة على حسم أي توقّع أو التنبّؤ بأي خطوة سيتخذها أي من الطرفين.
في التهديدات، يُجمع المراقبون على أن ترامب هو الذي بدأ باستفزاز خصمه أخيراً، بعدما أمر بتحريك حاملة الطائرات «يو إس إس كارل ڤينسن» إلى المياه الكورية، مرافقاً ذلك مع تصعيد كلامي ووعيد، ومتهماً كوريا الشمالية بأنها «تبحث عن المتاعب» (!) يأتي كلّ ذلك، في ظل استمرار المناورة الأميركية – الكورية الجنوبية التي أعلن الأميركيون أنها تضمنت تدريبات على ضرب المنشآت النووية الكورية، وعلى «عملية قطع رأس النظام الكوري الشمالي» من خلال هجمات تنفذها مجموعات خاصة أميركية لتصفية قادة النظام الكوري. هكذا، بكلّ صراحة، عبّر أعداء كوريا الشمالية عن نيتهم شنّ هجمات خطيرة عليها ولم يرَ المجتمع الدولي في ذلك أي استفزاز للقيادة الكورية! من الجهة الكورية، يتوقّع المراقبون أن يستغلّ الرئيس كيم المناسبة الوطنية غداً إما لإجراء اختبار نووي جديد سيكون السادس منذ عام ٢٠٠٦، أو لإطلاق صواريخ باليستية عابرة للقارات «لسنا أكيدين من أنه يمتلكها، لكنه كان يعمل على تطويرها». استند المحلّلون في ترقّبهم هذا إلى تزامن بعض اختبارات عسكرية سابقة من قبل النظام الكوري، مع مناسبات ومواعيد رمزية مثل عيد استقلال الولايات المتحدة، أو بعيد إصدار عقوبات أميركية جديدة عليها. النظام الكوري أيضاً، ردّ على التصعيد الكلامي الأميركي بالقول إنه «مستعد لأي حرب ستشنّها واشنطن» ونقل بعض الصحافيين الغربيين في بيونغ يانغ أنهم تبلّغوا أن «يستعدّوا لحدث كبير جداً يوم السبت».
لماذا بادر ترامب باستفزاز كيم؟ وماذا عن استراتيجيته للردّ؟ لماذا تصرّ واشنطن على التفاوض بشأن النووي الإيراني، وتغضّ النظر عن باقي الدول النووية، بينما تصرّ على المواجهة مع كوريا الشمالية؟ لم تجب الإدارة الأميركية بوضوح عن خطواتها التالية، لكن مسؤولين صينيين وكوريين جنوبيين دعوا إلى «عدم التصعيد باتجاه حرب، وإلى ضرورة بدء مفاوضات مباشرة مع كيم». «لا يمكن ترامب التصرّف على سجيّته من دون أخذ كلام الصين وكوريا الجنوبية بالاعتبار» قال بعض المحلّلين الذين نبّهوا ترامب من «خطأ انتهاج تكتيك عدم الإفصاح عن خطواته المقبلة مع النظام الكوري الشمالي لأن كيم، قد يفاجئه ويفاجئ الجميع بأن يبادر هو بالخطوة الأولى».


الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق