الأسد: الحل الحقيقي بسوريا هو مكافحة الإرهاب

أكد السيد الرئيس بشار الأسد أنه لا يمكن التوصل إلى حل حقيقي للأزمة في سورية من دون محاربة الإرهاب، مشيراً إلى أن الدول التي تدعم الإرهابيين مثل تركيا وقطر والسعودية لاتريد التوقف عن إرسال جميع أنواع الدعم لأولئك الإرهابيين.
وقال الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة «إس.بي.إس» الأسترالية: إن سورية ترحب بأي جهد لمحاربة الإرهاب لكن ينبغي لهذا الجهد أن يكون حقيقياً وليس شكلياً أو استعراضياً وينبغي أن يكون من خلال الحكومة الشرعية في سورية.
وأوضح الرئيس الأسد أنه عندما تدعم روسيا وإيران الشعب السوري فإنهما تدافعان عن الاستقرار لأن الفوضى في سورية ستؤدي إلى إحداث أثر الدومينو في منطقتنا وهذا سيؤثر في البلدان المجاورة وإيران وروسيا وفي أوروبا.
ولفت الرئيس الأسد إلى أن الإدارات الأميركية اشتهرت منذ خمسينيات القرن العشرين بخلق المشاكل بينما لم تحل أي مشكلة، وقال: نحن لسنا ضد التعاون مع الولايات المتحدة لكن هذا التعاون يعني التحدث عن المصالح المشتركة ومناقشتها والعمل لتحقيقها وليس عن مصالحهم على حساب مصالحنا.
وفي معرض ردّه على سؤال حول المدى الذي بلغته الأزمة وإذا ما كانت هناك بوادر تلوح في الأفق لنهايتها، قال الرئيس الأسد: إن الحل واضح جداً، هو بسيط ومع ذلك مستحيل، بسيط لأنه واضح جداً ويتمثل في كيفية إجراء حوار بين السوريين حول العملية السياسية، لكن في الوقت نفسه محاربة الإرهاب والإرهابيين في سورية، لا يمكن التوصل إلى أي حل حقيقي من دون محاربة الإرهاب، وهي مستحيلة لأن الدول التي تدعم أولئك الإرهابيين سواء كانت غربية أو إقليمية مثل تركيا والسعودية وقطر لا تريد التوقف عن إرسال جميع أنواع الدعم لأولئك الإرهابيين، وبالتالي فإذا بدأنا بوقف كل هذا الدعم اللوجيستي، وذهاب السوريين إلى الحوار، وإجراء نقاش حول الدستور ومستقبل سورية والنظام السياسي فإن الحل قريب جداً وليس بعيد المنال.
وحول المدة الزمنية الفاصلة عن استعادة الرقة أجاب السيد الرئيس: إن ما يحدث ليس سباقاً، والرقة بأهمية حلب ودمشق وأي مدينة أخرى، خطر تلك المجموعات الإرهابية لا يتمثل بالأرض التي يحتلونها لأن هذه ليست حرباً تقليدية، الأمر يتعلق بمدى تمكنهم من زرع إيديولوجيتهم في عقول سكان المنطقة التي يوجدون فيها، أما التعبئة العقائدية فهي الأمر الأكثر خطورة، وهكذا فإن الوصول إلى الرقة ليس صعباً جداً من الناحية العسكرية.. المسألة مسألة وقت، ونحن ماضون في ذلك الاتجاه، لكن عندما تتحدث عن الحرب فإن السؤال هو ما يستطيع الطرف الآخر أو لنقل العدو فعله وذلك يرتبط مباشرة بما تقوم به تركيا وخصوصاً أردوغان في دعم تلك المجموعات لأن هذا هو ما يحدث منذ البداية.. إذا تحدثت عن سورية كميدان عسكري منعزل فإنه يمكن الوصول إلى تلك المنطقة خلال أسابيع أو أشهر قليلة، لكن دون أخذ الجهد التركي في دعم الإرهابيين بعين الاعتبار، فإن أي جواب سيكون بعيداً عن الواقع وغير حقيقي.
ورداً على سؤال آخر، أوضح الرئيس الأسد أن الجيش السوري وحزب الله وبدعم من القوات الجوية الروسية يحاربون ضد جميع المجموعات المسلحة سواء كانت «داعش» أو «النصرة» أو المجموعات الأخرى المرتبطة بـ«القاعدة» والمرتبطة بشكل آلي بـ«النصرة» و«داعش»، مشيراً إلى أن الاجتماع الذي عقد مؤخراً بين وزراء دفاع سورية وروسيا وإيران في طهران يعني وجود تنسيق جيد فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب.
وبشأن الآمال المعلقة على «وقف إطلاق النار» قال الرئيس الأسد: لا يزال اتفاق وقف إطلاق النار فعالاً، لكن ينبغي ألا ننسى أن المجموعات الإرهابية تنتهك هذا الاتفاق بشكل يومي، وفي الوقت نفسه وطبقاً للاتفاق فإن من حقنا الرد عندما يهاجم الإرهابيون القوات الحكومية، وبالتالي بوسعك القول فعلياً إن الاتفاق لا يزال سارياً في معظم المناطق لكنه ليس سارياً في بعض المناطق.
وحول الدعوة الروسية إلى استئناف محادثات السلام في جنيف وإذا ما كانت فكرة جيدة، قال الرئيس الأسد: نعم، بالطبع، نحن ندعم أي حوار مع كل الأطراف في سورية لكن في الواقع فإن هذه المحادثات لم تبدأ بعد وليست هناك محادثات سورية- سورية حتى الآن لأن ما قمنا به حتى الآن هو مفاوضات مع الميسّر أي السيد دي ميستورا، في الواقع فإن المحادثات لم تبدأ فعلياً. إذاً نحن ندعم المبدأ لكن من الناحية العملية ينبغي أن تكون هناك منهجية معينة لم تتشكل حتى الآن، وبالتالي ينبغي أن نبدأ لكن ينبغي أن تكون لدينا المبادئ الأساسية لكي تكون هذه المفاوضات مثمرة.
وفيما يتعلق باستمرار الدعم الإيراني والروسي لسورية بإخلاص، قال الرئيس الأسد: إن الأمر لم يكن يتعلق بالرئيس أو بالشخص.. هذا سوء تفسير أو لنقل إنه فهم خاطئ في الغرب وربما جزء من الدعاية الإعلامية التي تقول إن روسيا وإيران تدعمان الأسد أو تدعمان الرئيس، الأمر ليس كذلك إنه يتعلق بالوضع بمجمله، الفوضى في سورية ستؤدي إلى إحداث أثر الدومينو في منطقتنا وهذا سيؤثر في البلدان المجاورة وإيران وروسيا وسيؤثر في أوروبا في الواقع. إذاً، فعندما يدافعون عن سورية فهم يدافعون عن الاستقرار، يدافعون عن استقرارهم ومصالحهم، وفي الوقت نفسه فإن الأمر يتعلق بالمبدأ، إنهم يدافعون عن الشعب السوري وحقه بحماية نفسه، هذا لأنهم لو كانوا يدافعون عن الرئيس ولم يكن الشعب معه ولا يدعمه فإن الرئيس لا يستطيع أن يصمد خمس سنوات لمجرد أن روسيا وإيران «تدعمانه»، إذاً فالأمر لا يتعلق بالرئيس بل بالوضع برمته أو لنقل بالصورة الأكبر.
وفي إجابته على سؤال حول ما ذكرته التقارير مؤخراً أن أكثر من خمسين دبلوماسياً دعوا إلى ماوصفوه «بضربات عسكرية حقيقية وفعّالة»، ضد سورية أكد الرئيس الأسد أن دعاة الحرب موجودون في كل إدارة أميركية وأن هذا ليس بشيء جديد، وقال: لكننا لا نكترث بهذا البيان لأن الأمر لا يتعلق بهذا البيان بل بالسياسة والأفعال، الفرق بين هذه الإدارة والإدارات التي سبقتها -إدارة بوش مثلاً- هو أن بوش أرسل قواته، أما هذه الإدارة فترسل المرتزقة وتتغاضى عما فعلته السعودية وتركيا وقطر منذ بداية الأزمة. إذاً فالسياسة هي نفسها، إنها سياسة قائمة على العسكرة لكن بطرق مختلفة، وبالتالي فإن هذا البيان لا يختلف عن الواقع القائم على الأرض، إنه يطالب بالحرب والواقع الموجود على الأرض هو حرب فعلية.
وأضاف الرئيس الأسد: إن الإدارات الأميركية اشتهرت منذ خمسينيات القرن العشرين بخلق المشاكل بينما لم تحل أي مشكلة وهذا ما حدث في العراق، غزا بوش العراق وتمكن من احتلاله خلال بضعة أسابيع لكن ما هي الخطوة التالية، الأمر لايتعلق بالاحتلال، هذه قوة عظمى، أما نحن فلسنا قوة عظمى. إذاً فالأمر لا يتعلق بقيام أميركا بـ«احتلال» سورية، ما الخطوة التالية؟ ما الذي يريدون تحقيقه؟ إنهم لم يحققوا شيئاً، لقد أخفقوا في ليبيا وفي العراق وفي اليمن وفي سورية وفي كل مكان، لم يفعلوا شيئاً سوى خلق الفوضى.. وبالتالي، إذا كانت الولايات المتحدة ترغب بخلق المزيد من الفوضى فبوسعها فعل ذلك.. لكن هل يستطيعون حل المشكلة؟ لا.
وفي شأن متعلق أردف الرئيس الأسد قائلاً: ليست لدينا مشكلة مع الولايات المتحدة، إنها ليست عدوتنا ولا تحتل أرضنا، لدينا خلافات معها وتلك الخلافات تعود إلى سبعينيات القرن العشرين وربما قبل ذلك، لكن في أوقات مختلفة وخلال أحداث وظروف مختلفة تعاونا مع الولايات المتحدة. إذاً، نحن لسنا ضد هذا التعاون، لكن هذا التعاون يعني التحدث عن المصالح المشتركة ومناقشتها والعمل لتحقيقها وليس عن مصالحهم على حساب مصالحنا، هذا هو الأمر وبالتالي ليست لدينا مشكلة في هذا.
وعمّا إذا كان يمكن أن يحدث أي تداعيات لقرار بريطانيا بالانسحاب من الاتحاد الأوروبي على سورية والأزمة فيها، قال الرئيس الأسد: إن هذه النتيجة المفاجئة ربما لها مكونات مختلفة سواء كانت داخلية من الناحية الاقتصادية أو خارجية فيما يتعلق بالقلق من الإرهاب والقضايا الأمنية واللاجئين وما إلى ذلك، إلا أن هذا يعد مؤشراً بالنسبة لنا فأولئك المسؤولون الذين كانوا يقدمون لي النصائح حول كيف ينبغي أن أتعامل مع الأزمة في سورية ويقولون «إن على الأسد أن يرحل وإنه منفصل عن الواقع» تبيّن أنهم منفصلون عن الواقع وإلا لما طلبوا إجراء هذا الاستفتاء، لكنني أعتقد أن هذا يشكل ثورة من قبل الناس هناك ضد ما أسميه في بعض الأحيان سياسيين من الدرجة الثانية، لقد أرادوا مسؤولين يمتلكون القدرة على إدارة الدولة لقيادة بلدهم.. إذا أتت إدارة أخرى وفهمت أن قضية اللاجئين والأمن مرتبطة بالمشكلة في منطقتنا فعندها ستكون هناك سياسة مختلفة ستؤثر علينا إيجابياً، يمكن عندها انتهاج سياسة مختلفة ستكون لها آثار إيجابية علينا، لكن ليس لدي الكثير من الآمال بحدوث ذلك، لنقل إن لدينا أملاً ضعيفاً لأننا لا نعرف من سيخلف كاميرون في المملكة المتحدة.
وبخصوص محاربة الإرهاب والدور الدولي في ذلك، قال الرئيس الأسد: نحن في الواقع نرحب بأي جهد لمحاربة الإرهاب في سورية، لكن ينبغي لهذا الجهد أن يكون حقيقياً وليس شكلياً أو استعراضياً كما يحدث الآن في شمال سورية، حيث لم تتمكن 60 دولة من منع «داعش» من التوسع.. في الواقع عندما بدأ الدعم الجوي الروسي عندها فقط توقف «داعش» عن التوسع.. إذاً ينبغي أن يكون الجهد حقيقياً، ثانياً: ينبغي أن يكون هذا الجهد من خلال الحكومة الشرعية في سورية وليس لمجرد أنهم يرغبون بمحاربة الإرهاب وأنهم يستطيعون الذهاب إلى أي مكان في العالم، نحن حكومة شرعية ودولة ذات سيادة.. بالمحصلة، في هذين الظرفين فقط نرحب بأي دعم أجنبي لمحاربة الإرهاب.
من جانب آخر أشار الرئيس الأسد إلى المعايير المزدوجة للغرب بشكل عام، وقال: إنهم يهاجموننا سياسياً ومن ثم يرسلون لنا مسؤوليهم للتعامل معنا من تحت الطاولة خصوصاً مسؤوليهم الأمنيين بما في ذلك حكومتكم، جميعهم يفعل هذا، هم لا يريدون إزعاج الولايات المتحدة، في الواقع، فإن معظم المسؤولين الغربيين يكررون فقط ماتريد الولايات المتحدة منهم قوله.. هذا هو الواقع.. إذاً أعتقد أنني أستطيع القول: إن هذه التصريحات منفصلة عن واقعنا لأنني أحارب الإرهابيين وجيشنا يحارب الإرهابيين وحكومتنا وجميع مؤسساتنا ضد الإرهابيين، أما إذا أراد أحدهم تسمية من يحارب الإرهاب بـ «الجزار» فتلك مسألة أخرى.
وعن مسألة اللاجئين السوريين، قال الرئيس الأسد: معظم اللاجئين الذين غادروا سورية يريدون العودة إليها، وبالتالي فإن أي بلد ساعد على دخولهم إلى بلدهم الجديد أو لنقل وطنهم الجديد هو أمر مرحب به باعتباره عملاً إنسانياً، لكن مرة أخرى هناك شيء أكثر إنسانية وأقل كلفة يتمثل في مساعدة هؤلاء الأشخاص على البقاء في بلدهم ومساعدة أولئك الذين غادروا على العودة وذلك بالمساعدة على تحقيق الاستقرار في سورية وعدم توفير أي مظلة أو دعم للإرهابيين، هذا ما يريدونه.. إنهم يريدون من الحكومات الغربية أن تتخذ قرارات حاسمة ضد ما تفعله السعودية ودول غربية مثل فرنسا وبريطانيا لدعم الإرهابيين في سورية من أجل «الإطاحة» بالحكومة وحسب، لولا ذلك لما غادر أولئك السوريون سورية، لقد غادر معظمهم ليس لأنهم مع أو ضد الحكومة بل غادروا لأنه بات من الصعب جداً العيش في سورية هذه الأيام.
ورداً على سؤال حول الاتهامات الموجهة للدولة السورية، قال الرئيس الأسد: أنت تتحدث عن أمرين مختلفين: الأمر الأول يتعلق بالتقارير، والتقرير الأهم من بينها تم تمويله من قبل قطر لمجرد تشويه سمعة الحكومة السورية وليس لديهم أي دليل على من التقط تلك الصور وهوية الضحايا الذين يظهرون في تلك الصور وما إلى ذلك، وقد بات باستطاعتك اليوم أن تزوّر أي شيء باستخدام الكمبيوتر، وبالتالي فإن هذه التقارير لا تتمتع أبداً بأي مصداقية. ثانياً: الحديث عن «مهاجمة المستشفيات أو المدنيين» يطرح سؤالاً بسيطاً جداً، لماذا نهاجم المستشفيات والمدنيين؟ أعني أن القضية برمتها في سورية بدأت عندما أراد أولئك الإرهابيون «كسب قلوب السوريين»، ومهاجمة المستشفيات أو المدنيين تصبّ في مصلحة الإرهابيين، وبالتالي إذا وضعنا القيم جانباً إلى حين وتحدثنا عن المصالح وحسب فإنه لا مصلحة لأي حكومة في مثل هذا الوضع بقتل مدنيين أو مهاجمة المستشفيات، أساساً وفي كل الأحوال إن هاجمت مستشفى فيمكن استعمال أي مبنى آخر وتحويله إلى مستشفى.. هذه ادعاءات تستند إلى روايات غير موثقة وأستطيع القول: إنها بيانات كاذبة ولا مصداقية لها على الإطلاق.. نحن لا نزال نرسل اللقاحات إلى تلك المناطق الواقعة تحت سيطرة الإرهابيين، إذاً كيف أرسل اللقاحات وبالوقت نفسه أهاجم المستشفيات؟! هذا تناقض.
وحول رؤيته لسورية بعد الأزمة، قال الرئيس الأسد: إن الأمر الأول الذي نريد أن نراه هو عودة سورية مستقرة، كما كانت من قبل، لأنها كانت أحد أكثر البلدان استقراراً وأمناً في العالم وليس في منطقتنا وحسب، مضيفاً إذا تحقق ذلك فإن السؤال التالي هو: كيف ستتعامل مع الجيل الجديد الذي عاش القتل والذي رأى التطرف أو تعلّم التطرف أو تمت تعبئته عقائدياً من قبل المجموعات المرتبطة بـ«القاعدة» وما إلى ذلك، هذا تحدٍّ آخر، التحدي الثالث يكمن في استعادة تلك الموارد البشرية التي غادرت وتحولت إلى لاجئين من أجل إعادة بناء سورية.. إن إعادة إعمار البلد كبناء وبنية تحتية أمر سهل جداً ونحن قادرون على ذلك كسوريين، أما التحدي فيتعلق بالجيل الجديد.
وفي إجابته عن سؤال كيف سيشير التاريخ إلى رئاسته، قال الرئيس الأسد: ما أتمناه هو أن يقول إن هذا هو الشخص الذي أنقذ بلده من الإرهابيين ومن التدخل الأجنبي.. كل ما عدا ذلك سيترك لحكم الشعب السوري.