أخبار مهمةعربي ودولي

بقلم جريس بولس-مقاطعة الانتخابات الاسرائيلية- الحلقة الثانية


الحلقة الثانية
مقاطعة االنتخابات االسرائيلية- انتخابات الكنيست واجب وطن
مقدمة- شعار “دولة المواطنين” الذي جاء به التجمع – شعا ٌر خطير ويصب في مشروع
األسرلة:
سأثبت من خالل مقالي هذا أن طرح “دولة لكافة مواطنيها” الذي جاء به التجمع أو باألحرى
عزمي بشارة ومن خالله شرعن دخوله الى الكنيست االسرائيلي هو طرح خطير جداّ يصب
في مشروع األسرلة، أي يصب في مصلحة المشروع الصهيوني كما أن طرح “دولتان
لشعبين” الذي تطرحه الجبهة الديموقراطية للسالم والمساواة هو طرح خطير أيضاً ويصب
في نفس المشروع ولكن طرح “دولة لكافة مواطنيها” هو األخطر، وال أكذب وألني اعتدت
الصدق دائماً في كتاباتي وتحكيم العقل والضمير، فإني كنت من المعجبين بهذا الطرح كما كنت
معجباً بصاحبه عزمي بشارة قبل أن تنكشف عورته ويبان على حقيقته، ولكن مع التقدم في
السن والتهامي للكتب وازدياد الوعي والتواصل مع االوفياء لألمة فهمت مع الوقت مدى
خطورة هذا الطرح وكأن عزمي بشارة جاء به كجزء من مشروعه الكبير في خدمة
الصهيونية، الذي سيكتب عنه الحقاً.
عندما تطرح شعار “دولتان لشعبين” ففي هذا الطرح ما ينسف قضية “الالجئين” وقضية
“فلسطينيي الداخل” اي ان اسرائيل هي دولة للشعب اليهودي، وهناك دولة فلسطينية للشعب
الفلسطيني لذا فهو طرح خطير يصب في مشروع األسرلة وال سيما ان الجبهة الى يومنا هذا
تؤمن بالنضال اليهودي -العربي الذي أثبت حتى اآلن انه حبر على ورق ال غير.
وحين تطرح شعار “دولة لكافة مواطنيها” أي أنك تسلم بأن اسرائيل بما فيها كافة رموزها
الصهيونية هي التي تمثلك وانت جزء من مشروعها الصهيوني شرط ان تكون لكافة
مواطنيها وهل هناك أكثر “أسرلة” من ذلك كما ان هذا الطرح ينسف قضية عروبة فلسطين
وحق العودة للالجئين كما ينسف الهوية الفلسطينية لفلسطينيي الداخل حيث يحولهم من
فلسطينيين الى إسرائيليين في الهوية شرط ان تكون الدولة لكافة مواطنيها”. بمعنى آخر،
ّي التج ّمع بشعاره هذا يح ّول الصراع من صراع قوم ّي على الحقوق با
متياز إلى صراع مدن
فقط.
طبعاً سيقوم البعض ويقول لي: ان ما تكتب يتناقض مع الواقع الذي نعيشه فجوابي سيكون:
انك تستطيع العيش بكرامة حتى ولو فرض عليك الواقع من دون التنازل عن فكرة عروبة
فلسطين ومن دون أن تتنازل عن هويتك الفلسطينية وال سيما ونحن اهل البالد األصليين
وبدون ان تطرح هذه الشعارات الخطيرة التي تصب في مشروع األسرلة وأن تقوم بمجابهة
االسرلة بكافة الطرق القانونية المتاحة.
مشروع الدولة الواحدة في فلسطين:
يمكن ان يؤدي بنا النقاش الذي يدور اليوم عن التصدّي لما يسمى “يهودية الدولة” الى
مسارين: مسار تسووي يحوي التفريط وآخر مقاوم وجذري. فهناك من يقوم ضمن التصدي
ليهودية دولة اسرائيل بالتأكيد على مطلب “دولة لكافة مواطنيها” أو “الدولة ثنائية القومية”
كرد على صفاء الهوية اليهوديّة لدولة اسرائيل. وهذا الطرح يعني بالفعل:
.إلغاء الهوية العربية- الفلسطينية عن فلسطين، حين يعتبرها لكافة مواطنيها من مهاجرين
وغزاة وغير غزاة، أو ثنائية القومية، يهودية وعربية.
2 .المطالبة بالعيش تحت شعار “حقوق المواطنة” مع المهاجرين والغزاة في فلسطين وهنا
تصبح االستراتيجيا “مجابهة التمييز العنصري” ال “التحرير”.
3 .القيام في النضال بواسطة وسائل سلمية مع يهود تقدميين” أو شخصيات امميّة.
ومن يطرح مشروع “الدولة الواحدة” باعتبار انه “واقعي أكثر” من فكرة الدويلة الفلسطينية
الممسوخة ويقوم أنصار هذا الطرح “الدولة الواحدة” بتسويقه عن طريق تقديم البراهين
“سقوط مشروع “الدولة الفلسطينية خصوصاً وان الجدار االستيطاني أنهى مشروع “الدولة
الفلسطينية” وكيف تفتقر تلك الدولة الفلسطينية المقسمة الى كانتونات الى متنفسات الحياة
وكيف يهاب الجمهور في اسرائيل من تحول الدولة الفلسطينية الى قاعدة ضده.
ومن هنا فان مشروعي “الدويلة الفلسطينية” و “الدولة الواحدة” فيهما نفس النهج
“التعايش مع اليهود في فلسطين” ونسف الحق العربي التاريخي لفلسطين.
من جهة اخرى من يقوم برفض “يهودية اسرائيل” من الفلسطينيين أوالً على مبدأ التمسك
“بعروبة فلسطين وعلى مبدأ رفض العنصرية، يبدأ برف ض حق “الصهيونية” بالوجود قبل ان
يدخل الى ظلمات “يهودية الدولة” لكي يصل بالنهاية الى ضرورة الذوبان بقوة في النظام
السياسي “الصهيوني” ومنه الكنيست بحجة جعله اقل عنصرية وهذا يوصل الى التطبيع
بامتياز وكان المشكلة تكمن فقط في “يهودية الدولة” وفي الحاالت االكثر تطرفاً تجد بين
طارحي “اسرائيل الواحدة، الديموقراطية، الال عنصرية” من يعتبر االسالميين بكافة أطيافهم
المساوي العربي الفلسطيني لليهود الحاخامات وكأن القصة فصل الدين عن الدولة في
“اسرائيل” وقصة الغاء العنصرية على مثال جنوب افريقيا الذي ال يشبه الوضع الفلسطيني
البتة فالشعب الجنوب افريقي لم يكن وال مرة اكثر من نصفه من الالجئين كما هو حال الشعب
الفلسطيني، خارج بالده، والقضية في جنوب افريقيا اتخذت منحى إنسانيا اكثر من بعد
حضاري ارتبط في فلسطين بقوة بالصراع على هوية هذه االرض، وما اذا كانت فلسطينية
عروبية او توراتية.
ومن الواضح ان من يطرح شعار “الدولة الواحدة” فانه يتخلى عن الهوية العروبية لفلسطين
وعن انها جزء ال يتجزأ من الوطن العربي.
وما جاء آنفا ال يتناقض مع وجود أبعاد سياسية، مقابل االبعاد االيدولوجية لفكرة “يهودية
الدولة” فالصهيونية تريد ان تهندس المفاوضات مع السلطة الفلسطينية واالنظمة العربية
بطريقة تملي شروطها مقدماً وان تحضر العقول لفكرة الترانسفير او ترحيل فلسطينيي الداخل
اما عن طريق طردهم في ظروف مناسبة او بضم تجمعاتهم للدولة الفلسطينية الممسوخة
وتريد أن تقطع الطريق مسبقاً على أي نقاش بخصوص “حق العودة” الذي هو “حق مقدس”
ليس ألن “حق العودة” مطروح على الطاولة أصالً بل لتخفيض التنازالت والمبالغ في أي
تسوية مستقبلية مهما كانت هزيلة وتافهة.
لذا ليس هناك حق من غير أن يكون له مطالب ولن “تكون عودة” حسب رأيي في المشاريع
المطروحة والمهم ان الصهيونية جرت الجميع للتفاوض حول مطالبها القصوى بطرحها
قضية “يهودية الدولة” بعد ان تخلى الفلسطينيين عن طرح قضية “وجود الصهيونية”.
ويتبع….
بقلم: جريس بولس.
لندن- كفرياسيف


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق